الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى
.فَصْلٌ: [الشَّرْطُ الرَّابِعُ: كَوْنُ الْمَقْتُولِ لَيْسَ بِوَلَدٍ]: (الشَّرْطُ الرَّابِعُ: كَوْنُ مَقْتُولٍ لَيْسَ بِوَلَدٍ) (وَإِنْ سَفَلَ) لِقَاتِلٍ (وَلَا بِوَلَدِ بِنْتٍ، وَإِنْ سَفَلَتْ لِقَاتِلٍ؛ فَيُقْتَلُ وَلَدٌ بِأَبٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَجَدَّةٍ)؛ أَيْ: بِقَتْلِهِ وَاحِدًا مِنْ أُصُولِهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}، وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ قَتِيلٍ، فَخُصَّ مِنْهُ صُورَتَانِ بِالنَّصِّ، وَبَقِيَ مَا عَدَاهُمَا وَ(لَا) يُقْتَلُ (أَحَدُهُمْ)؛ أَيْ: الْأَبُ وَالْأُمُّ وَالْجَدُّ وَالْجَدَّةُ، وَإِنْ عَلَا (بِمَنْ يُنْسَبُ بِهِ)؛ أَيْ: بِالْوَلَدِ، وَوَلَدِ الْبِنْتِ، وَإِنْ سَفَلَا؛ لِحَدِيثِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ» رَوَاه ابْنُ مَاجَهْ. وَرَوَى النَّسَائِيّ حَدِيثَ عُمَرَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ مُسْتَفِيضٌ عِنْدَهُمْ يُسْتَغْنَى بِشُهْرَتِهِ وَقَبُولِهِ، وَالْعَمَلِ بِهِ عَنْ الْإِسْنَادِ، حَتَّى يَكُونَ الْإِسْنَادُ فِي مِثْلِهِ مَعَ شُهْرَتِهِ تَكَلُّفًا وَلِأَنَّهُ سَبَبُ إيجَادِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّطَ بِسَبَبِهِ عَلَى إعْدَامِهِ. (وَلَوْ أَنَّهُ) أَيْ: الْوَلَدَ أَوْ وَلَدَ الْبِنْتِ وَإِنْ سَفَلَ (حُرٌّ مُسْلِمٌ وَالْقَاتِلُ) لَهُ مِنْ آبَائِهِ أَوْ أُمَّهَاتِهِ، وَإِنْ عَلَوْا (كَافِرٌ قِنٌّ)؛ لِانْتِفَاءِ الْقِصَاصِ لِشَرَفِ الْأُبُوَّةِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ حَالٍ (وَيُؤْخَذُ حُرٌّ) مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَجَدَّةٍ قَتَلَ وَلَدَهُ، وَإِنْ سَفَلَ (بِالدِّيَةِ) أَيْ: دِيَةِ الْمَقْتُولِ كَمَا تَجِبُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فِي مَالِهِ، قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَكَذَا لَوْ جَنَى عَلَى طَرَفِهِ لَزِمَتْهُ دِيَتُهُ انْتَهَى.وَذَكَرَ فِي الشَّرْحِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ قَتَادَةَ الْمُدْلِجِيِّ دِيَةَ ابْنِهِ، وَلَا تَأْثِيرَ لِاخْتِلَافِ الدِّينِ، وَالْحُرِّيَّةِ كَاتِّفَاقِهِمَا، وَلَوْ قَتَلَ الْكَافِرُ، وَلَدَهُ الْمُسْلِمَ أَوْ الْعَبْدُ وَلَدَهُ الْحُرَّ لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ؛ لِشَرَفِ الْأُبُوَّةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدُهُ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ زِنًا فَيُقْتَلُ الْوَالِدُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلَدٍ حَقِيقَةً (وَمَنْ) تَدَاعَيَا نَسَبَ صَغِيرٍ مَجْهُولِ النَّسَبِ ثُمَّ (قَتَلَاهُ قَبْلَ إلْحَاقِ الْقَافَةِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا)؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ ابْنَهُمَا.تَنْبِيهٌ:وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، ثُمَّ قَتَلَاهُ؛ لَمْ يُقْتَلْ أَبُوهُ وَقُتِلَ الْآخَرُ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ، وَإِنْ رَجَعَا عَنْ الدَّعْوَى لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُمَا عَنْ إقْرَارِهِمَا، كَمَا لَوْ ادَّعَاهُ وَاحِدٌ فَأُلْحِقَ بِهِ ثُمَّ جَحَدَهُ. وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا عَنْ دَعْوَاهُ؛ صَحَّ رُجُوعُهُ، وَثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ الْآخَرِ؛ لِزَوَالِ الْمُعَارِضِ، وَيَثْبُتُ الْقِصَاصُ عَنْ الَّذِي لَمْ يَرْجِعْ؛ لِأَنَّهُ أَبٌ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الرَّاجِعِ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ. وَلَوْ اشْتَرَكَ رَجُلَانِ فِي وَطْءِ امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُمَا، وَلَهُمَا شُبْهَةٌ فِي وَطْئِهَا، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا زَوْجًا أَوْ سَيِّدًا، وَالْآخَرُ بِشُبْهَةٍ، فَقَتَلَاهُ قَبْلَ إلْحَاقِهِ بِأَحَدِهِمَا لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ، وَإِنْ نَفَيَا نَسَبَهُ لَمْ يَنْتَفِ إلَّا بِاللِّعَانِ بِشُرُوطِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِهِ، وَإِنْ نَفَاهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَنْتَفِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَحِقَهُ بِالْفِرَاشِ؛ فَلَا يَنْتَفِي إلَّا بِاللِّعَانِ، بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا إذَا رَجَعَ هُنَا لَحِقَ الْآخَرَ، وَأَيْضًا ثُبُوتُهُ هُنَاكَ بِالِاعْتِرَافِ فَيَسْقُطُ بِالْجَحْدِ، وَهَا هُنَا بِالِاشْتِرَاكِ فَلَا يَنْتَفِي بِالْجَحْدِ. (وَمَتَى وَرِثَ قَاتِلٌ) بَعْضَ دَمِهِ بِوُجُودِ وَاسِطَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقْتُولِ (أَوْ) وَرِثَ (وَلَدُهُ) أَيْ: الْقَاتِلِ (بَعْضَ دَمِهِ) أَيْ: الْمَقْتُولِ (فَلَا قَوَدَ) عَلَى قَاتِلٍ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَتَبَعَّضُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُوبُهُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا لِوَلَدِهِ عَلَيْهِ (فَلَوْ قَتَلَ) شَخْصٌ (زَوْجَتَهُ، فَوَرِثَهَا وَلَدُهُمَا) أَيْ: وَلَدُهَا مِنْهُ سَقَطَ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ لِلْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهِ، فَلَأَنْ لَا يَجِبَ بِالْجِنَايَةِ عَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى، وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، أَوْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ وَارِثٌ سِوَاهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ بَعْضُهُ سَقَطَ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ (أَوْ قَتَلَ أَخَاهَا)؛ أَيْ: زَوْجَتِهِ (فَوَرِثَتْهُ ثُمَّ مَاتَتْ) الزَّوْجَةُ (فَوَرِثَهَا الْقَاتِلُ) أَيْ: وَرِثَ مِنْهَا بِالزَّوْجِيَّةِ، (أَوْ)، وَرِثَهَا (وَلَدُهُ؛ سَقَطَ) الْقِصَاصُ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ لَا، وَكَذَا لَوْ قَتَلَتْ أَخَا زَوْجِهَا، فَوَرِثَهَا زَوْجُهَا، ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا فَوَرِثَتْهُ هِيَ أَوْ وَلَدُهَا. (وَمَنْ قَتَلَ أَبَاهُ) فَوَرِثَهُ أَخَوَيْهِ (أَوْ) قَتَلَ (أَخَاهُ فَوَرِثَهُ أَخَوَيْهِ ثُمَّ قَتَلَ أَحَدُهُمَا) أَيْ: الْأَخَوَيْنِ (صَاحِبَهُ؛ سَقَطَ الْقَوَدُ عَنْ) الْقَاتِلِ (الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ وَرِثَ بِهِ بَعْضَ دَمِ نَفْسِهِ) لِأَنَّ أَخَوَيْهِ يَسْتَحِقَّانِ دَمَ أَبِيهِمَا أَوْ أَخِيهِمَا، فَإِذَا قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ وَرِثَ الْقَاتِلُ الْأَوَّلُ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ الْمَقْتُولُ؛ لِأَنَّهُ أَخُوهُ، فَعَلَى هَذَا يَسْتَحِقُّ نِصْفَ دَمِهِ؛ لِأَنَّ دَمَ الْأَبِ أَوْ الْأَخِ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ نِصْفَيْنِ ضَرُورَةَ أَنَّ الْقَاتِلَ لَا يَرِثُ الْمَقْتُولَ. (وَإِنْ قَتَلَ أَحَدُ ابْنَيْنِ أَبَاهُ، وَهُوَ زَوْجٌ لِأُمِّهِ) حِينَ قَتَلَ الْأَبَ (ثُمَّ قَتَلَ) الِابْنُ (الْآخَرُ أُمَّهُ فَلَا قَوَدَ عَلَى) الِابْنِ (قَاتِلِ أَبِيهِ، لِإِرْثِهِ ثَمَنَ أُمِّهِ) لِأَنَّ الْأُمّ وَرِثَتْ مِنْ زَوْجِهَا الثُّمُنَ، فَانْتَقَلَ كُلُّهُ إلَى ابْنِهَا قَاتِلِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ قَاتِلَهَا لَا يَرِثُ مِنْهُ شَيْئًا لِلْقَتْلِ فَقَدْ وَرِثَ قَاتِلُ الْأَبِ ثَمَنَ دَمِ الْمَقْتُولِ، فَيَسْقُطُ عَنْهُ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ يَسْتَحِقُّ بَعْضَ دَمِ الْأَبِ، وَالْإِنْسَانُ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ (وَعَلَيْهِ سَبْعَةُ أَثْمَانِ دِيَتِهِ)؛ أَيْ: أَبِيهِ (لِأَخِيهِ) قَاتِلِ أُمِّهِ (وَلَهُ) أَيْ: قَاتِلِ الْأَبِ (قَتْلُهُ) أَيْ: أَخِيهِ بِأُمِّهِ (وَيَرِثُهُ) حَيْثُ لَا حَاجِبَ؛ لِأَنَّهُ قَتْلٌ بِحَقٍّ فَلَا يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ، وَإِنْ عَفَا عَنْهُ إلَى الدِّيَةِ تَقَاصَّا بِمَا بَيْنَهُمَا، وَمَا فَضَلَ لِأَحَدِهِمَا أَخَذَهُ (وَعَلَيْهِمَا) أَيْ: الْقَاتِلَيْنِ (مَعَ عَدَمِ زَوْجِيَّةِ) أَبِيهِمَا لِأُمِّهِمَا (الْقَوَدُ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَرِثَ قَتْلَ أَخِيهِ وَحْدَهُ دُونَ قَاتِلِهِ، فَإِنْ تَشَاحَّا فِي الْمُبْتَدِئِ مِنْهُمَا بِالْقَتْلِ، احْتَمَلَ أَنْ يُبْدَأَ بِقَتْلِ الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَمْدَانَ، أَوْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا، قَدَّمَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي (وَأْيُهُمَا بَادَرَ وَقَتَلَ أَخَاهُ سَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ؛ لِإِرْثِهِ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ ابْنٌ) أَوْ ابْنُ ابْنٍ (فَإِنْ كَانَ) لَهُ ابْنٌ أَوْ ابْنُ ابْنٍ فَالْأَخُ مَحْجُوبٌ بِهِ (فَلَهُ) أَيْ: الِابْنِ أَوْ ابْنِ الِابْنِ (قَتْلُ عَمِّهِ، وَيَرِثُهُ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ سِوَاهُ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ بِحَقٍّ لَا يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ.تَتِمَّةٌ:وَإِنْ عَفَا أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ عَنْ الْآخَرِ، ثُمَّ قَتَلَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ الْعَافِيَ وَرِثَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَاجِبٌ؛ لِأَنَّهُ قَتْلٌ بِحَقٍّ، وَسَقَطَ عَنْهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ؛ إذْ لَا يَجِبُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ تَعَافَيَا جَمِيعًا عَلَى الدِّيَةِ تَقَاصَّا بِمَا اسْتَوَيَا فِيهِ؛ فَيَسْقُطُ مِنْ دِيَةِ الْأَبِ بِقَدْرِ دِيَةِ الْأُمِّ وَيَجِبُ لِقَاتِلِ الْأُمِّ الْفَضْلُ عَلَى قَاتِلِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ دِيَتَهَا نِصْفُ دِيَةِ الْأَبِ، وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا بِنْتٌ، فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ؛ سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ نِصْفَ مِيرَاثِ أَخِيهِ وَنِصْفَ قِصَاصِ نَفْسِهِ؛ فَوَرِثَ مَالَ أَبِيهِ الَّذِي قَتَلَهُ أَخُوهُ أَوْ مَالَ أُمِّهِ الَّتِي قَتَلَهَا أَخُوهُ، وَوَرِثَ نِصْفَ مَالِ أَخِيهِ، وَنِصْفَ مَالِ أَبِيهِ الَّذِي قَتَلَهُ هُوَ، وَوَرِثَتْ الْبِنْتُ الَّتِي قُتِلَ أَبُوهَا نِصْفَ مَالِ أَبِيهَا، وَنِصْفَ مَالِ جَدِّهَا الَّذِي قَتَلَهُ عَمُّهَا، وَلَهَا عَلَى عَمِّهَا نِصْفُ دِيَةِ قَتِيلِهِ. (وَإِذَا كَانَ أَرْبَعَةُ إخْوَةٍ، فَقَتَلَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ وَ) قَتَلَ (الثَّالِثُ الرَّابِعَ، فَالْقَوَدُ عَلَى الثَّالِثِ) دُونَ الْأَوَّلِ؛ لِإِرْثِهِ نِصْفَ دَمِهِ عَنْ الرَّابِعِ (وَوَجَبَ لَهُ) أَيْ: الثَّالِثِ (نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى الْأَوَّلِ) لِقَتْلِهِ أَخَاهُ ضَرُورَةَ أَنَّ الْقَاتِلَ لَا يَرِثُ (وَلِلْأَوَّلِ قَتْلُهُ) أَيْ: الثَّالِثِ بِأَخِيهِ الرَّابِعِ (وَ) إذَا قَتَلَهُ فَإِنَّهُ (يَرِثُهُ)؛ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ بِحَقٍّ وَيَرِثُ مَا يَرِثُهُ مِنْ أَخِيهِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ تَرِكَتِهِ، فَإِنْ عَفَا الْأَوَّلُ عَنْ الثَّالِثِ إلَى الدِّيَةِ، وَجَبَتْ عَلَى الثَّالِثِ بِكَمَالِهَا؛ يُقَاصُّهُ بِنِصْفِهَا الَّذِي وَرِثَهُ مِنْ الثَّانِي، وَيُعْطِيهِ نِصْفَهَا، وَإِنْ كَانَ لِلْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ وَرَثَةٌ تَحْجُبُ الْآخَرَ أَوْ لَا بِتَفْصِيلِهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا. (وَمَنْ قَتَلَ مَنْ لَا يُعْرَفُ) بِإِسْلَامٍ وَلَا حُرِّيَّةٍ، (أَوْ) قَتَلَ (مَلْفُوفًا) لَا يُعْلَمُ مَوْتُهُ وَلَا حَيَاتُهُ (وَادَّعَى) قَاتِلٌ (كُفْرَهُ) أَيْ: مَنْ لَمْ يُعْرَفْ (أَوْ) ادَّعَى (رِقَّهُ) وَأَنْكَرَ وَلِيُّهُ؛ فَالْقَوَدُ وَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ بِالدَّارِ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ، وَالرِّقُّ طَارِئٌ. (أَوْ) ادَّعَى قَاتِلُ مَلْفُوفٍ (مَوْتَهُ) أَيْ: الْمَلْفُوفِ (أَوْ) ادَّعَى قَاتِلٌ (إهْدَارَ دَمِهِ) أَيْ: الْمَقْتُولِ (وَأَنْكَرَ وَلِيُّهُ) فَالْقَوَدُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحَيَاةُ لَوْ قَطَعَ طَرَفَ إنْسَانٍ، وَادَّعَى شَلَلَهُ، أَوْ قَلَعَ عَيْنًا وَادَّعَى عَمَاهَا، أَوْ قَطَعَ سَاعِدًا، وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ كَفٌّ، أَوْ سَاقًا وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَدَمٌ، وَأَنْكَرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ؛ وَجَبَ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ. (أَوْ) قَتَلَ مُكَلَّفٌ (شَخْصًا فِي دَارِهِ وَادَّعَى) الْقَاتِلُ (أَنَّهُ دَخَلَ لِقَتْلِهِ أَوْ أَخْذِ مَالَهُ) أَوْ يُكَابِرُهُ عَلَى أَهْلِهِ (وَيَتَّجِهُ وَلَا قَرِينَةَ تُصَدِّقُهُ) أَيْ: تُصَدِّقُ مُدَّعِيًا شَيْئًا مِمَّا تَقَدَّمَ، بِأَنْ كَانَ الْمَقْتُولُ مَوْصُوفًا بِالْعَدَالَةِ أَوْ مَسْتُورَ الْحَالِ بِأَنْ لَمْ يُعْهَدْ فِيهِ وُقُوعُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، أَمَّا إذَا قَامَتْ قَرَائِنُ مِنْ حَالِ الْمَقْتُولِ عَلَى صِدْقِ قَاتِلِهِ كَكَوْنِ الْمَقْتُولِ مِنْ أَهْلِ الْفُجُورِ أَوْ الْفُسَّاقِ الَّذِينَ لَا يُبَالُونَ بِالِارْتِكَابَاتِ الْقَبِيحَةِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا؛ فَلَا مَانِعَ مِنْ دَرْءِ الْحَدِّ عَنْهُ، وَإِلَى هَذَا مَيْلُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (فَقَتَلَهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ) أَوْ مَالِهِ أَوْ أَهْلِهِ (وَأَنْكَرَ وَلِيُّهُ) فَالْقَوَدُ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ فَقَالَ: إنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ فَإِنْ اعْتَرَفَ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ فَلَا قِصَاصَ عَلَى قَاتِلٍ وَلَا دِيَةَ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَوْمًا يَتَغَدَّى إذْ جَاءَ رَجُلٌ يَعْدُو وَفِي يَدِهِ سَيْفٌ مُلَطَّخٌ بِالدَّمِ، وَوَرَاءَهُ قَوْمٌ يَعْدُونَ خَلْفَهُ، فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ مَعَ عُمَرَ فَجَاءَ الْآخَرُونَ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ هَذَا قَتَلَ صَاحِبَنَا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنِّي ضَرَبْتُ فَخِذَيْ امْرَأَتِي فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَحَدٌ فَقَدْ قَتَلْته، فَقَالَ عُمَرُ: مَا تَقُولُونَ؟ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّهُ ضَرَبَ بِالسَّيْفِ فَوَقَعَ فِي وَسَطِ الرَّجُلِ وَفَخِذَيْ الْمَرْأَةِ، فَأَخَذَ عُمَرُ سَيْفَهُ فَهَزَّهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَقَالَ: إنْ عَادُوا فَعُدْ رَوَاهُ سَعِيدٌ وَلِأَنَّ الْخَصْمَ اعْتَرَفَ بِمَا يُبِيحُ قَتْلَهُ، فَسَقَطَ حَقُّهُ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ قِصَاصًا أَوْ فِي حَدٍّ يُوجِبُ قَتْلَهُ، وَإِنْ ثَبَتَ بَيِّنَةٌ فَكَذَلِكَ. (أَوْ تَجَارَحَ اثْنَانِ، وَادَّعَى كُلٌّ) مِنْهُمَا (الدَّفْعَ عَنْ نَفْسِهِ؛ فَالْقَوَدُ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِشَرْطِهِ (أَوْ الدِّيَةُ) إنْ لَمْ يَجِبْ قَوَدٌ أَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّهُ (وَيُصَدَّقُ مُنْكِرٌ) مِنْهُمَا (بِيَمِينِهِ)؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ الْآخَرُ (وَمَتَى صَدَّقَ الْوَلِيُّ) دَعْوَى شَيْءٍ مِمَّا سَبَقَ (فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ) لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ عُمَرَ. (وَلَهُ قَتْلُ مَنْ وَجَدَهُ يَفْجُرُ بِأَهْلِهِ) ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ (لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ) أَيْ: الْفَاجِرِ (مُحْصَنًا أَوْ لَا) رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ (وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَدٍّ، وَإِنَّمَا هُوَ عُقُوبَةٌ عَلَى فِعْلِهِ، وَإِلَّا لَاعْتُبِرَتْ شُرُوطُ الْحَدِّ. (وَإِنْ اجْتَمَعَ قَوْمٌ بِمَحَلٍّ فَقَتَلَ) بَعْضٌ بَعْضًا (وَجَرَحَ بَعْضٌ) مِنْهُمْ (بَعْضًا، وَجُهِلَ الْحَالُ) بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ وَلَا الْجَارِحُ (فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمَجْرُوحِينَ دِيَةُ الْقَتْلَى) مِنْهُمْ (يَسْقُطُ مِنْهَا) أَيْ: الدِّيَةِ (أَرْشُ الْجِرَاحِ) قَضَى بِهِ عَلِيٌّ رَوَاهُ أَحْمَدُ. (وَيُشَارِكُ مَنْ لَيْسَ بِهِ جُرْحٌ الْمَجْرُوحِينَ فِي دِيَةِ الْقَتْلَى) اخْتَارَهُ فِي التَّصْحِيحِ الْكَبِيرِ وَصَوَّبَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ وَظَاهِرُ الْمُنْتَهَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ مِنْ الدِّيَةِ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِهِ جُرْحٌ، وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يُشِيرَ إلَى ذَلِكَ. (وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ، فَقَالَ: إنَّمَا قَتَلَهُ زَيْدٌ فَصَدَّقَهُ زَيْدٌ) بِأَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ (أُخِذَ) زَيْدٌ (بِهِ) نَقَلَ مُهَنَّا عَنْ أَحْمَدَ فِيمَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَخَاهُ، فَقَدَّمَهُ إلَى السُّلْطَانِ، فَقَالَ: إنَّمَا قَتَلَهُ فُلَانٌ فَقَالَ: فُلَانٌ: صَدَقَ أَنَا قَتَلْته؛ فَإِنَّ هَذَا الْمُقِرَّ بِالْقَتْلِ يُؤْخَذُ بِهِ. قُلْت: أَلَيْسَ قَدْ ادَّعَى عَلَى الْأَوَّلِ؟ قَالَ: إنَّمَا هَذَا بِالظَّنِّ، فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يُؤْخَذُ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ..بَابُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ: (اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ) فِي النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا، قَالَ تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}؛ وَلِأَنَّ وُجُوبَ الْقِصَاصِ يَمْنَعُ مَنْ يُرِيدُ الْقَتْلَ مِنْهُ شَفَقَةً عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْقَتْلِ، فَتَبْقَى الْحَيَاةُ فِيمَنْ أُرِيدَ قَتْلُهُ، وَقِيلَ: إنَّ الْقَاتِلَ تَنْعَقِدُ الْعَدَاوَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَبِيلَةِ الْمَقْتُولِ، فَيُرِيدُ قَتْلَهُمْ خَوْفًا مِنْهُمْ، وَيُرِيدُونَ قَتْلَهُ وَقَتْلَ قَبِيلَتِهِ، فَفِي الِاقْتِصَاصِ مِنْهُمْ بِحُكْمِ الشَّرْعِ قَطْعُ تَسَبُّبِ الْهَلَاكِ بَيْنَ الْقَبِيلَتَيْنِ. (وَهُوَ) أَيْ: اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ (فِعْلُ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ) فِيمَا دُونَ النَّفْسِ (أَوْ) فِعْلُ (وَلِيِّهِ) إنْ كَانَتْ فِي النَّفْسِ (بِجَانٍ مِثْلَ فِعْلِهِ) أَيْ: الْجَانِي (أَوْ شِبْهِهِ) كَأَنْ يَكُونَ قَتَلَهُ بِسُمٍّ أَوْ مُثْقَلٍ أَوْ تَجْرِيعِ خَمْرٍ، فَإِذَا اسْتَوْفَى مِنْهُ بِالسَّيْفِ يَكُونُ ذَلِكَ شِبْهَ فِعْلِ الْجَانِي، وَيَأْتِي مُفَصَّلًا. (، وَشُرُوطُهُ) أَيْ: اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ (ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا: تَكْلِيفُ مُسْتَحِقٍّ) لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ لَيْسَ أَهْلًا لِلِاسْتِيفَاءِ. وَلَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ؛ لِمَا يَأْتِي (وَمَعَ صِغَرِهِ) أَيْ: مُسْتَحِقٍّ (أَوْ جُنُونِهِ؛ يُحْبَسُ جَانٍ بِهِ لِبُلُوغِ) صَغِيرٍ يَسْتَحِقُّهُ (أَوْ) إلَى (إفَاقَةِ) مَجْنُونٍ يَسْتَحِقُّهُ؛ لِأَنَّ مُعَاوِيَةَ حَبَسَ هُدْبَةَ بْنَ خَشْرَمَ فِي قِصَاصٍ حَتَّى بَلَغَ ابْنُ الْقَتِيلِ، وَكَانَ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُنْكَرْ. وَبَذَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ لِابْنِ الْقَتِيلِ سَبْعَ دِيَاتٍ فَلَمْ يَقْبَلْهَا؛ وَلِأَنَّ فِي تَخْلِيَتِهِ تَضْيِيعًا لِلْحَقِّ، إذْ لَا يُؤْمَنُ هَرَبُهُ، وَأَمَّا الْمُعْسِرُ بِالدَّيْنِ فَلَا يُحْبَسُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَجِبُ مَعَ الْإِعْسَارِ، بِخِلَافِ الْقِصَاصِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ هُنَا، وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ لِقُصُورِ الْمُسْتَوْفِي، وَأَيْضًا الْمُعْسِرُ إذَا حُبِسَ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْكَسْبُ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ، فَحَبْسُهُ يَضُرُّ الْجَانِبَيْنِ، وَهُنَا الْحَقُّ هُوَ نَفْسُهُ فَيَفُوتُ بِالتَّخْلِيَةِ. (وَلَا يَمْلِكُ اسْتِيفَاءَهُ) أَيْ: الْقِصَاصِ (لَهُمَا) أَيْ: الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ (أَبٌ كَوَصِيٍّ وَحَاكِمٍ) إذْ لَا يَحْصُلُ بِاسْتِيفَائِهِمْ التَّشَفِّي لِلْمُسْتَحِقِّ لَهُ، فَتَفُوتُ حِكْمَةُ الْقِصَاصِ (فَإِنْ احْتَاجَا) أَيْ: الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ (لِنَفَقَةٍ فَلِوَلِيِّ مَجْنُونٍ) الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَا حَدَّ لَهُ يَنْتَهِي إلَيْهِ (لَا)، وَلِيُّ (صَغِيرٍ) فَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ إلَى الدِّيَةِ مُسْقِطٌ لِلْقِصَاصِ، وَلَا يَمْلِكُ إسْقَاطَ قِصَاصِهِ (غَيْرُ لَقِيطٍ) صَغِيرٍ مُحْتَاجٍ لِلنَّفَقَةِ؛ فَيَلْزَمُ الْإِمَامَ (الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ) قَالَ فِي بَابِ اللَّقِيطِ: وَإِنْ قُطِعَ طَرَفُهُ عَمْدًا انْتَظَرَ بُلُوغَهُ وَرُشْدَهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيرٌ فَيَلْزَمُ الْإِمَامَ الْعَفْوُ عَلَى مَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ؛ دَفْعًا لِحَاجَةِ الْإِنْفَاقِ.قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى عَنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمَجْنُونِ وَالْعَاقِلِ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَصَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ اللَّقِيطَ لَوْ كَانَ مَجْنُونًا غَنِيًّا لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ، بَلْ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَهُ الْحَارِثِيُّ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الشَّرْحِ (وَإِنْ قَتَلَا) أَيْ: الصَّغِيرُ، وَالْمَجْنُونُ (قَاتِلَ مُوَرِّثِهِمَا، أَوْ قَطَعَا قَاطِعَهُمَا قَهْرًا) أَيْ: بِلَا إذْنِ جَانٍ (سَقَطَ حَقُّهُمَا)؛ لِاسْتِيفَائِهِمَا مَا وَجَبَ لَهُمَا، كَمَا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ مَالٌ لَهُمَا، فَأَخَذَاهُ مِنْهُ قَهْرًا فَأَتْلَفَاهُ وَ(كَمَا لَوْ اقْتَصَّا مِمَّنْ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ دِيَتَهُ كَعَبْدٍ) فَيَسْقُطُ حَقُّهُمَا وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إيجَابُ دِيَتِهِ عَلَى أَحَدٍ.الشَّرْطُ (الثَّانِي: اتِّفَاقُ الْمُشْتَرَكِينَ فِيهِ) أَيْ: الْقِصَاصِ (عَلَى اسْتِيفَائِهِ) فَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ اسْتِيفَاؤُهُ بِدُونِ إذْنِ الْبَاقِينَ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ، وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ؛ أَشْبَهَ الدَّيْنَ (وَيُنْتَظَرُ قُدُومُ)، وَارِثٍ (غَائِبٍ، وَبُلُوغُ)، وَارِثٍ صَغِيرٍ (وَإِفَاقَةُ)، وَارِثٍ مَجْنُونٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُحْبَسُ الْجَانِي لِذَلِكَ، لِأَنَّ فِيهِ حَظًّا لِلْجَانِي بِتَأْخِيرِ الْجِنَايَةِ عَنْهُ، وَحَظًّا لِلْمُسْتَحِقِّ بِإِيصَالِهِ إلَى حَقِّهِ. وَحَيْثُ وَجَبَ الِانْتِظَارُ (فَلَا يَنْفَرِدُ بِهِ) أَيْ: الْقِصَاصِ (بَعْضُهُمْ) (كـَ) مَا يَمْتَنِعُ عَلَى بَعْضِهِمْ الِانْفِرَادُ بِأَخْذِ (دِيَةٍ)، وَجَبَتْ؛ لِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ فِي الْقِصَاصِ (وَكَقِنٍّ مُشْتَرَكٍ) قَتَلَ فَلَا يَنْفَرِدُ؛ بَعْضُهُمْ بِقَتْلِ قَاتِلِهِ الْمُكَافِئِ لَهُ (بِخِلَافِ) قَتْلٍ فِي (مُحَارَبَةٍ) فَلَا يُشْتَرَطُ فِي قَتْلِ قَاطِعِ طَرِيقٍ قُتِلَ اتِّفَاقُ أَوْلِيَاءِ مَنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ عَلَيْهِمْ (لِتَحَتُّمِهِ) أَيْ: تَحَتُّمِ قَتْلِهِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (وَ) بِخِلَافِ (حَدِّ قَذْفٍ) فَيُقَامُ إذَا طَلَبَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ حَيْثُ يُورَثُ بِأَنْ طَالَبَ بِهِ الْمُوَرِّثُ فِي حَيَاتِهِ (لِوُجُوبِهِ) أَيْ: حَدِّ الْقَذْفِ (لِكُلِّ وَاحِدٍ) مِنْ الْوَرَثَةِ إذَا طَلَبَهُ (كَامِلًا)، وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ يَسْتَوْفِي الْإِمَامُ الْقِصَاصَ فِيهِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ لَا بِحُكْمِ الْإِرْثِ، وَإِنَّمَا قَتَلَ الْحَسَنُ ابْنَ مَلْجَمٍ كُفْرًا؛ لِأَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ حِلَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ كَافِرًا، وَقِيلَ لِسَعْيِهِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَنْتَظِرْ الْحَسَنُ غَائِبًا مِنْ الْوَرَثَةِ. (وَمَنْ مَاتَ) مِنْ وَرَثَةِ مَقْتُولٍ (فَوَارِثُهُ) أَيْ: الْمَيِّتِ (كَهُوَ) لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ فَانْتَقَلَ إلَى وَارِثِهِ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ (وَمَتَى انْفَرَدَ بِهِ) أَيْ: الْقِصَاصِ (مَنْ مُنِعَ) مِنْ الِانْفِرَادِ بِهِ (عُزِّرَ فَقَطْ) لِافْتِئَاتِهِ بِالِانْفِرَادِ، وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَمُنِعَ مِنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ؛ لِعَدَمِ التَّجَزُّؤِ، فَإِذَا اسْتَوْفَى وَقَعَ نَصِيبُهُ قِصَاصًا، وَبَقِيَّةُ الْجِنَايَةِ عَلَى بَعْضِ النَّفْسِ فَيَتَعَذَّرُ فِيهِ الْقِصَاصُ؛ لِامْتِنَاعِ الْمُمَاثَلَةِ، فَوَجَبَ سُقُوطُهُ لِذَلِكَ. (وَلِشَرِيكِ) مُقْتَصٍّ (فِي تَرِكَةِ جَانٍ حَقُّهُ) أَيْ: الَّذِي لَمْ يَقْتَصَّ (مِنْ الدِّيَةِ) بِقِسْطِهِ مِنْهَا (وَيَرْجِعُ وَارِثُ جَانٍ عَلَى مُقْتَصٍّ بِمَا فَوْقَ حَقِّهِ) مِنْ الدِّيَةِ (فـَ) لَوْ كَانَ الْجَانِي أَقَلَّ دِيَةً مِنْ قَاتِلِهِ كَ (امْرَأَةٍ قَتَلَتْ رَجُلًا لَهُ ابْنَانِ، فَقَتَلَهَا أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ فَلِلْآخَرِ) الَّذِي لَمْ يَأْذَنْ (نِصْفُ دِيَةِ أَبِيهِ فِي تَرِكَةِ الْمَرْأَةِ) الْقَاتِلَةِ، كَمَا لَوْ أَتَتْ (وَيَرْجِعُ، وَرَثَتُهَا بِنِصْفِ دِيَتِهَا عَلَى قَاتِلِهَا)؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ سِوَى نِصْفَ دَمِهَا، وَقَدْ اسْتَوْفَاهُ (وَهُوَ) أَيْ: نِصْفُ دِيَةِ الْمَرْأَةِ (رُبُعُ دِيَةِ الرَّجُلِ) لِأَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ (وَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ) أَيْ: الْوَرَثَةِ عَنْ الْقِصَاصِ، وَكَانَ مُكَلَّفًا (وَلَوْ) كَانَ الْعَافِي (زَوْجَةً أَوْ زَوْجًا أَوْ ذَا رَحِمٍ أَوْ شَهِدَ) بَعْضُ الْوَرَثَةِ (وَلَوْ مَعَ فِسْقِهِ بِعَفْوِ شَرِيكِهِ؛، وَيَتَّجِهُ: أَوْ أَقَرَّ) بِعَفْوِ شَرِيكِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُتَّجِهًا لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعَفْوِ بِقَوْلِهِ: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} لَكِنَّهُ لَا قَائِلَ بِهِ فِيمَا عَلِمْت، بَلْ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ: لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ، وَهَذَا مِنْهُ (سَقَطَ الْقَوَدُ) أَمَّا سُقُوطُهُ بِعَفْوِ بَعْضِهِمْ؛ فَلِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ الْوَرَثَةِ، وَدَخَلَا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ»، وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ أَهْلِهِ، وَالْمَرْأَةُ وَلَوْ كَانَتْ زَوْجَةً مِنْ أَهْلِهِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي وَمَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إلَّا خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إلَّا مَعِي يُرِيدُ عَائِشَةَ، وَقَالَ لَهُ أُسَامَةُ: أَهْلُكَ وَلَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا». وَعَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ عُمَرَ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَتَلَ قَتِيلًا، فَجَاءَ وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ لِيَقْتُلُوهُ، فَقَالَتْ امْرَأَةُ الْمَقْتُولِ وَهِيَ أُخْتُ الْقَاتِلِ: قَدْ عَفَوْت عَنْ حَقِّي، فَقَالَ عُمَرُ: اللَّهُ أَكْبَرُ عَتَقَ الْقَتِيلُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَأَمَّا سُقُوطُهُ بِشَهَادَةِ بَعْضِهِمْ بِعَفْوِ شَرِيكِهِ وَلَوْ مَعَ فِسْقِهِ؛ فَلِإِقْرَارِهِ بِسُقُوطِ نَصِيبِهِ، وَإِذَا أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ حَقَّهُ سَرَى إلَى الْبَاقِي كَالْعِتْقِ (وَلِمَنْ لَمْ يَعْفُ) مِنْ الْوَرَثَةِ (حَقُّهُ مِنْ الدِّيَةِ عَلَى جَانٍ) سَوَاءٌ عَفَا شَرِيكُهُ مُطْلَقًا أَوْ إلَى الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَمَّا فَاتَهُ مِنْ الْقِصَاصِ كَمَا لَوْ وَرِثَ الْقَاتِلُ بَعْضَ دَمِهِ (ثُمَّ إنْ قَتَلَهُ عَافٍ قُتِلَ وَلَوْ ادَّعَى نِسْيَانَهُ) أَيْ: الْعَفْوِ (أَوْ جَوَازَهُ) أَيْ: الْقَتْلِ بَعْدَ الْعَفْوِ سَوَاءٌ عَفَا مُطْلَقًا أَوْ إلَى مَالٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَغَيْرُهُ أَيْ: بَعْدَ أَخْذِهِ الدِّيَةَ. وَلِأَنَّهُ قَتَلَ مَعْصُومًا مُكَافِئًا. (وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ مِنْ الْعَافِي دَعْوَى الْجَوَازِ إذَا قَتَلَ الْجَانِي (وَكَانَ مِمَّنْ لَا يَجْهَلُهُ) أَيْ: الْجَوَازَ (مِثْلُهُ) كَمَنْ نَشَأَ فِي قَرْيَةٍ أَوْ مِصْرٍ؛ إذْ الْغَالِبُ أَنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ عَدَمُ جَوَازِ انْفِرَادِهِ بِالْقَتْلِ بِدُونِ إذْنِ شُرَكَائِهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِثْلُهُ يَحْصُلُ عَدَمُ جَوَازِ قَتْلِ الْجَانِي بَعْدَ عَفْوِهِ عَنْهُ، كَمَنْ نَشَأَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بَيْنَ أَهْلِ الْجَفَاءِ مِنْ الْأَعْرَابِ، وَنَحْوَهُمْ، وَقَتَلَهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ؛ إذْ جَهْلُهُ شُبْهَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَكَذَا شَرِيكُ) عَافٍ (عَلِمَ بِالْعَفْوِ) أَيْ: عَفْوِ شَرِيكِهِ (وَعَلِمَ سُقُوطَ الْقَوَدِ بِهِ) أَيْ: بِعَفْوِ شَرِيكِهِ؛ ثُمَّ قَتَلَهُ؛ فَيُقْتَلُ بِهِ، سَوَاءٌ حَكَمَ بِالْعَفْوِ حَاكِمٌ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ مَعْصُومًا عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَالِاخْتِلَافُ لَا يُسْقِطُ الْقِصَاصَ؛ إذْ لَوْ قُتِلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ قَتَلْنَاهُ بِهِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي قَتْلِهِ، وَإِلَّا يَعْلَمْ بِعَفْوِ شَرِيكِهِ، وَبِسُقُوطِ الْقَوَدِ بِهِ، بِأَنْ قَتَلَهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِهِمَا؛ فَلَا قِصَاصَ لِاعْتِقَادِ ثُبُوتِ حَقِّهِ فِيهِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ (وَوَدَاهُ) أَيْ: أَدَّى دِيَتَهُ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ فَوَجَبَ ضَمَانُهُ كَسَائِرِ الْخَطَإِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ. (وَيَسْتَحِقُّ كُلُّ وَارِثٍ) لِلْمَقْتُولِ مِنْ (الْقَوَدِ بِقَدْرِ إرْثِهِ) مِنْ مَالِ الْمَقْتُولِ حَتَّى الزَّوْجَيْنِ وَذِي الرَّحِمِ؛ لِأَنَّ الْقَوَدَ حَقٌّ ثَبَتَ لِلْوَارِثِ عَلَى سَبِيلِ الْإِرْثِ، فَوَجَبَ لَهُ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ مِنْ الْمَالِ (وَيَنْتَقِلُ) حَقُّ الْقَوَدِ (مِنْ مُوَرِّثِهِ) أَيْ الْمَقْتُولِ (إلَيْهِ) أَيْ: إلَى الْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ نَفْسِ الْمَقْتُولِ كَالدِّيَةِ. (وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ) مِنْ الْقَتْلَى (فَالْإِمَامُ وَلِيُّهُ) فِي الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ (لَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ (أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَعْفُوَ إلَى مَالٍ) أَيْ: دِيَةٍ فَأَكْثَرَ، فَيَفْعَلُ مَا يَرَاهُ الْأَصْلَحَ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُ الْمُسْلِمِينَ، وَ(لَا) يَعْفُو (مَجَّانًا)، وَلَا عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ ثَابِتٌ لِلْمُسْلِمِينَ؛ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُهَا، وَلَا شَيْئًا مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ.الشَّرْطُ (الثَّالِثُ: أَنْ يُؤْمَنَ فِي اسْتِيفَائِهِ) أَيْ: الْقَوَدِ (تَعَدِّيهِ)؛ أَيْ: الِاسْتِيفَاءِ (إلَى غَيْرِ جَانٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} (فَلَوْ لَزِمَ الْقَوَدُ حَامِلًا) لَمْ تُقْتَلْ حَتَّى تَضَعَ (أَوْ) لَزِمَ الْقَوَدُ (حَائِلًا فَحَمَلَتْ؛ لَمْ تُقْتَلْ حَتَّى تَضَعَ) حَمْلَهَا؛ لِأَنَّ قَتْلَهَا إسْرَافٌ؛ لِتَعَدِّيهِ إلَى حَمْلِهَا (وَ) حَتَّى (تَسْقِيَهُ اللِّبَأَ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَشَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ قَالُوا: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إذَا قَتَلَتْ الْمَرْأَةُ عَمْدًا فَلَا تُقْتَلُ حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا، وَحَتَّى تُكْفِلَ وَلَدَهَا»؛ وَلِأَنَّهُ يُخَافُ عَلَى وَلَدِهَا، وَقَتْلُهُ حَرَامٌ، وَالْوَلَدُ يَتَضَرَّرُ بِتَرْكِ اللِّبَإِ ضَرَرًا كَثِيرًا، وَقَالَ فِي الْكَافِي لَا يَعِيشُ إلَّا بِهِ (ثُمَّ إنْ وُجِدَ مَنْ يُرْضِعُهُ) أَيْ: وَلَدَهَا بَعْدَ سَقْيِهَا لَهُ اللِّبَأَ (وَلَوْ بَهِيمَةً قُتِلَتْ) لِأَنَّ تَأْخِيرَ قَتْلِهَا إنَّمَا كَانَ لِلْخَوْفِ عَلَى وَلَدِهَا، وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ، (وَإِلَّا) يُوجَدْ مَنْ يُرْضِعُهُ (فـَ) لَا يُقَادُ مِنْهَا (حَتَّى تَفْطِمَهُ لِحَوْلَيْنِ) لِمَا تَقَدَّمَ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا أُخِّرَ الِاسْتِيفَاءُ لِحِفْظِهِ وَهُوَ حَمْلٌ، فَلَأَنْ يُؤَخَّرَ لِحِفْظِهِ بَعْدَ وَضْعِهِ أَوْلَى (وَكَذَا حَدٌّ بِرَجْمٍ) لِمَا تَقَدَّمَ. (وَتُقَادُ) حَامِلٌ (فِي طَرَفٍ) بِمُجَرَّدِ وَضْعٍ (وَتُحَدُّ) حَامِلٌ (بِجَلْدٍ) لِقَذْفٍ أَوْ جَلْدِ شُرْبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (بِمُجَرَّدِ وَضْعِ) حَمْلٍ صَرَّحَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى (حَيْثُ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهَا)، وَلَا عَلَى الْوَلَدِ الضَّرَرُ مِنْ تَأْثِيرِ اللَّبَنِ (لِضَعْفٍ) فَإِنْ كَانَ بِهَا ضَعْفٌ يُخَافُ تَلَفُهَا لَمْ يُقَمْ عَلَيْهَا الْحَدُّ حَتَّى تَقْوَى دَفْعًا لِلضَّرَرِ، قَالَهُ فِي الْبُلْغَةِ بِمَعْنَاهُ. وَقَالَ فِي الْإِنْصَافِ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهَا بِالْوَضْعِ قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: بَلْ بِمُجَرَّدِ الْوَضْعِ قَبْلَ سَقْيِ اللِّبَأَ. (وَمَتَى ادَّعَتْ الْحَمْلَ) امْرَأَةٌ وَجَبَ عَلَيْهَا قَوَدٌ أَوْ قَطْعٌ أَوْ حَدٌّ بِرَجْمٍ أَوْ جَلْدٍ (وَأَمْكَنَ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ آيِسَةً)، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ أَوْ سَيِّدٌ (قُبِلَ) قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ لِلْحَمْلِ أَمَارَاتٍ خَفِيَّةً تَعْلَمُهَا مِنْ نَفْسِهَا دُونَ غَيْرِهَا، خُصُوصًا فِي ابْتِدَاءِ الْحَمْلِ، وَلَا يُؤْمَنُ الْخَطَرُ بِتَكْذِيبِهَا، فَوَجَبَ أَنْ يُحْتَاطَ لَهُ كَالْحَيْضِ (وَحُبِسَتْ لِقَوَدٍ) لِمَا تَقَدَّمَ، وَ(لَا) تُحْبَسُ (لِحَدٍّ) بَلْ تُتْرَكُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِآدَمِيٍّ يَخْشَى فَوْتَهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْحَدُّ لِآدَمِيٍّ كَحَدِّ الْقَذْفِ فَيَتَوَجَّهُ حَبْسُهَا- كَحَبْسِهَا لِلْقَوَدِ (وَلَوْ مَعَ غَيْبَةِ وَلِيِّ مَقْتُولٍ) لِجَوَازِ أَنْ تَهْرُبَ، فَلَا يُسْتَوْفَى مِنْهَا، بِخِلَافِ حَبْسٍ فِي مَالِ غَائِبٍ، وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَحَيْثُ وَجَبَ حَبْسُهَا فَتُحْبَسُ (حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهَا) فِي الْحَمْلِ، وَعَدَمِهِ. (وَمَنْ اقْتَصَّ مِنْ حَامِلٍ) فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ، فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَضَعْهُ وَلَمْ تَتَيَقَّنْهُ حَمْلًا، لَكِنْ مَاتَتْ عَلَى مَا بِهَا مِنْ انْتِفَاخِ الْبَطْنِ وَأَمَارَةِ الْحَمْلِ، فَلَا ضَمَانَ فِي حَقِّ الْجَنِينِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ أَنَّ الِانْتِفَاخَ حَمْلٌ فَلَا تُوجِبُ بِالشَّكِّ وَإِنْ أَلْقَتْ الْجَنِينَ حَيًّا فَعَاشَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُقْتَصِّ، لَكِنْ يُؤَدَّبُ، وَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا، وَبَقِيَ خَاضِعًا ذَبْلًا زَمَانًا يَسِيرًا، ثُمَّ مَاتَ؛ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ إذَا وَضَعَتْهُ لِوَقْتٍ يَعِيشُ مِثْلَهُ، وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ، وَإِنْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا فِي وَقْتٍ لَا يَعِيشُ مِثْلَهُ، وَهُوَ مَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (ضَمِنَ) الْمُقْتَصُّ (جَنِينَهَا) بِالْغُرَّةِ. وَهُوَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ كَمَا يَأْتِي فِي دِيَةِ الْجَنِينِ، وَالضَّمَانُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُقْتَصِّ مِنْ أُمِّهِ، سَوَاءٌ عَلِمَ الْحَمْلَ دُونَ السُّلْطَانِ أَوْ عَلِمَهُ مَعَ السُّلْطَانِ؛ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَيْهِ بِالْقِصَاصِ مِنْ أُمِّهِ حَالَةَ الْحَمْلِ فَضَمِنَهُ، كَمَا لَوْ ضَرَبَ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا، وَلِأَنَّ الْمُقْتَصَّ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِتَلَفِ الْجَنِينِ، وَالسَّبَبُ هُنَا غَيْرُ مُلْجِئٍ، فَكَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ كَالدَّافِعِ مَعَ الْحَافِرِ، وَيَكُونُ وُجُوبُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ الْغُرَّةِ مَعَ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمُقْتَصِّ؛ لِأَنَّهُ قَاتِلُ نَفْسٍ..فَصْلٌ: [اسْتِيفَاءُ الْقَوَدِ بِلَا حَضْرَةِ سُلْطَانٍ أَوْ نَائِبِهِ]: (وَيَحْرُمُ اسْتِيفَاءُ قَوَدٍ بِلَا حَضْرَةِ سُلْطَانٍ أَوْ نَائِبِهِ)؛ لِافْتِقَارِهِ إلَى اجْتِهَادٍ، وَلَا يُؤْمَنُ فِيهِ الْحَيْفُ مَعَ قَصْدِ التَّشَفِّي (وَلَهُ) أَيْ: الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (تَعْزِيرُ مُخَالِفٍ) اقْتَصَّ بِغَيْرِ حُضُورِهِ؛ لِافْتِئَاتِهِ بِفِعْلِ مَا وَقَعَ مِنْهُ (وَيَقَعُ) فِعْلُهُ (الْمَوْقِعَ)؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ. (وَعَلَيْهِ) أَيْ: الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (تَفَقُّدُ آلَةِ اسْتِيفَاءِ) قَوَدٍ (لِيَمْنَعَ مِنْهُ)؛ أَيْ: الْقَوَدِ (بـِ) آلَةٍ (كَالَّةٍ) لِحَدِيثِ: إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَة. وَالِاسْتِيفَاءُ بِالْكَالَّةِ تَعْذِيبٌ لِلْمَقْتُولِ (وَيَنْظُرُ) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (فِي الْوَلِيِّ) لِلْقَوَدِ (فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِيفَاءِ) الْقِصَاصِ (وَيُحْسِنُهُ، مَكَّنَهُ مِنْهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} وَلِحَدِيثِ: «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ إنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا، وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الدِّيَةَ»، وَكَسَائِرِ الْحُقُوقِ. (وَيُخَيَّرُ) وَلِيٌّ يُحْسِنُ الِاسْتِيفَاءَ (بَيْنَ أَنْ يُبَاشِرَ) الِاسْتِيفَاءَ (وَلَوْ فِي طَرَفٍ) كَيَدٍ، وَرِجْلٍ (وَبَيْنَ أَنْ يُوَكِّلَ) مَنْ يَسْتَوْفِيهِ لَهُ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (وَإِلَّا) يُحْسِنْ الْوَلِيُّ الِاسْتِيفَاءَ بِنَفْسِهِ (أُمِرَ) أَيْ: أَمَرَهُ السُّلْطَانُ (أَنْ يُوَكِّلَ) مَنْ يَسْتَوْفِيهِ لَهُ لِعَجْزِهِ عَنْ مُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ فَيُوَكِّلُ مَنْ يُحْسِنُ اسْتِيفَاءَهُ. وَإِنْ ادَّعَى وَلِيٌّ أَنَّهُ يُحْسِنُهُ، فَمُكِّنَ مِنْهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ فَقَدْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ. وَإِنْ أَصَابَ غَيْرَ الْعُنُقِ، وَأَقَرَّ بِتَعَمُّدِهِ ذَلِكَ عُزِّرَ، وَمُنِعَ إنْ أَرَادَ الْعَوْدَ. وَإِنْ قَالَ: أَخْطَأْت- وَالضَّرْبَةُ قَرِيبَةٌ مِنْ الْعُنُقِ- قُبِلَ قَوْلُهُ؛ لِجَوَازِهِ، وَإِنْ بَعُدَتْ مِنْهُ بِأَنْ نَزَلَتْ عَنْ الْمَنْكِبِ؛ رُدَّ قَوْلُهُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْقَوَدِ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الِاسْتِيفَاءَ (وَإِنْ احْتَاجَ) الْوَكِيلُ (لِأُجْرَةٍ) فَتُؤْخَذُ (مِنْ) مَالِ (جَانٍ) كَ (أُجْرَةِ) اسْتِيفَاءِ (حَدٍّ) فَإِنَّ أُجْرَةَ مُسْتَوْفِيهِ مِنْ مَالِ الْمَحْدُودِ؛ لِأَنَّهُ لِإِيفَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ، فَكَانَتْ لَازِمَةً لَهُ كَأُجْرَةِ كَيْلِ مَكِيلٍ بَاعَهُ. (وَمَنْ لَهُ وَلِيَّانِ) أَيْ: وَارِثَانِ (فَأَكْثَرُ)، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُحْسِنُ الِاسْتِيفَاءَ (وَأَرَادَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (مُبَاشَرَتَهُ) أَيْ: الْقَوَدِ بِنَفْسِهِ (قُدِّمَ وَاحِدٌ) مِنْهُمَا (بِقُرْعَةٍ) لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْحَقِّ، وَعَدَمِ الْمُرَجِّحِ غَيْرِهَا (وَوَكَّلَهُ مَنْ بَقِيَ) مِنْ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ؛ فَلَا يَجُوزُ اسْتِيفَاؤُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى تَوْكِيلِ أَحَدِهِمْ أَوْ غَيْرِهِ مُنِعُوا مِنْهُ حَتَّى يَتَّفِقُوا عَلَيْهِ. (وَيَجُوزُ اقْتِصَاصُ جَانٍ مِنْ نَفْسِهِ بِرِضَى وَلِيِّ) جِنَايَةٍ، وَيُمْكِنُ ذَلِكَ فِي النَّفْسِ بِأَنْ يَنْصِبَ سَيْفًا أَوْ نَحْوَهُ فَيَقْتُلَ بِهِ نَفْسَهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَنْ قَطَعَ رِجْلَ إنْسَانٍ فَقَالَ: أَنَا أَقْطَعُ لَك مِثْلَهَا، فَمَتَى رَضِيَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ بِذَلِكَ جَازَ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُ الْوَلِيِّ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ وَكَّلَ غَيْرَهُ.(وَ) لَا يَجُوزُ لِوَلِيٍّ أَمَرَ أَنْ يَأْذَنَ لِسَارِقٍ فِي (قَطْعِ) يَدِ (نَفْسِهِ) أَوْ رِجْلِهِ (فِي سَرِقَةٍ)؛ لِفَوَاتِ الرَّدْعِ بِقَطْعِ غَيْرِهِ (وَيَسْقُطُ الْقَطْعُ) فِي السَّرِقَةِ إنْ قَطَعَ السَّارِقُ نَفْسَهُ لِوُقُوعِهِ الْمَوْقِعَ (بِخِلَافِ حَدِّ) جَلْدٍ فِي زِنًا (أَوْ قَذْفٍ بِإِذْنِ) حَاكِمٍ فِي جَلْدِ الزِّنَا وَمَقْذُوفٍ فِي حَدِّ قَذْفٍ؛ فَلَا يَقَعُ الْمَوْقِعَ؛ لِعَدَمِ حُصُولِ الرَّدْعِ وَالزَّجْرِ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ السَّرِقَةِ؛ فَإِنَّ الْقَصْدَ قَطْعُ الْعُضْوِ وَقَدْ وُجِدَ. (وَيَحْرُمُ أَنْ يُسْتَوْفَى قِصَاصٌ فِي نَفْسٍ إلَّا بِسَيْفٍ) سَوَاءٌ كَانَتْ الْجِنَايَةُ بِهِ أَوْ بِمُحَرَّمٍ لِعَيْنِهِ، كَسِحْرٍ وَتَجْرِيعِ خَمْرٍ، أَوْ كَانَتْ بِحَجَرٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ تَغْرِيقٍ أَوْ تَحْرِيقٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ خَنْقٍ أَوْ لَوْطٍ أَوْ قَطْعِ يَدٍ مِنْ مِفْصَلٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ كَانَ الْجَانِي قَطَعَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ أَوْ أَوْضَحَهُ ثُمَّ عَادَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ قَبْلَ الْبُرْءِ، أَوْ أَجَافَهُ أَوْ أَمَّهُ أَوْ قَطَعَ يَدًا نَاقِصَةَ الْأَصَابِعِ أَوْ شَلَّاءَ أَوْ زَائِدَةً فَمَاتَ، أَوْ جَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً غَيْرَ ذَلِكَ فَمَاتَ؛ لِعُمُومِ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا قَوَدَ إلَّا بِالسَّيْفِ» رَوَاه ابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقٍ. وَلِحَدِيثِ: «إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْقَوَدِ إتْلَافُ جُمْلَتِهِ، وَقَدْ أَمْكَنَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ؛ فَلَا يَجُوزُ تَعْذِيبُهُ بِإِتْلَافِ أَطْرَافٍ كَقَتْلِهِ بِسَيْفٍ كَالٍّ، وَيَدْخُلُ قَوَدُ الْعُضْوِ فِي قَوَدِ النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ حَدُّ بَدَلِ النَّفْسِ فَدَخَلَ الطَّرَفُ فِي حُكْمِ الْجُمْلَةِ كَالدِّيَةِ.(وَ) يَحْرُمُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ قِصَاصًا (فِي طَرَفٍ إلَّا بِسِكِّينٍ لِئَلَّا يَحِيفَ) فِي الِاسْتِيفَاءِ (وَإِنْ زَادَ الْمُقْتَصُّ فِي اسْتِيفَاءٍ) مِنْ طَرَفٍ مِثْلَ أَنْ يَسْتَحِقَّ قَطْعَ إصْبَعٍ فَيَقْطَعَ اثْنَتَيْنِ؛ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَاطِعِ ابْتِدَاءً إنْ كَانَ الْقَطْعُ عَمْدًا مِنْ مِفْصَلٍ وَجَبَ الْقِصَاصُ؛ لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ، أَوْ زَادَ الْمُقْتَصُّ عَمْدًا فِي شَجَّةٍ يَجِبُ فِي مِثْلِهَا الْقِصَاصُ، فَاسْتَوْفَى بَدَلَهَا مُوضِحَةً فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الزِّيَادَةِ؛ لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ خَطَأً، أَوْ كَانَ جُرْحًا لَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ (كـَ) اسْتِيفَائِهِ (هَاشِمَةً عَنْ مُوضِحَةٍ؛ فَعَلَيْهِ أَرْشُ الزِّيَادَةِ) كَالْجَانِي ابْتِدَاءً (إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ) الْحَاصِلُ زِيَادَةً (حَصَلَ بِاضْطِرَابِ الْجَانِي) الْمُقْتَصِّ مِنْهُ كَاضْطِرَابِهِ (حَالَ اسْتِيفَاءٍ مِنْهُ) فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُقْتَصِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ عَلَيْهِ، بَلْ هُوَ جَنَى عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ سَرَى الَّذِي حَصَلَتْ فِيهِ الزِّيَادَةُ إلَى نَفْسِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ أَوْ إلَى بَعْضِ أَعْضَائِهِ مِثْلَ أَنْ قَطَعَ إصْبَعَهُ فَسَرَى إلَى جَمِيعِ يَدِهِ، أَوْ اقْتَصَّ مِنْهُ بِآلَةٍ كَالَّةٍ أَوْ مَسْمُومَةٍ أَوْ فِي حَالِ حَرٍّ مُفْرِطٍ أَوْ بَرْدٍ شَدِيدٍ، فَسَرَى؛ فَعَلَى الْمُقْتَصِّ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِفِعْلٍ جَائِزٍ وَمُحَرَّمٍ قَالَ الْقَاضِي: كَمَا لَوْ جَرَحَهُ جُرْحَيْنِ، جُرْحًا فِي رِدَّتِهِ، وَجُرْحًا بَعْدَ إسْلَامِهِ، فَمَاتَ مِنْهُمَا (فَإِنْ حَصَلَ) فِعْلُ زِيَادَةٍ عَلَى مَا وَجَبَ (وَاخْتَلَفَا) أَيْ: الْمُقْتَصُّ، وَالْمُقْتَصُّ مِنْهُ [أَهَلْ فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا؟ أَوْ خَطَأً؟؟ فَقَوْلُ مُقْتَصٍّ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِنِيَّتِهِ، أَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ مُقْتَصٌّ: حَصَلَ ذَلِكَ بِاضْطِرَابِك، وَقَالَ مُقْتَصٌّ مِنْهُ:] بَلْ بِجِنَايَتِك (فَقَوْلُهُ) أَيْ: الْمُقْتَصِّ (بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ (وَمَنْ قَطَعَ طَرَفَ شَخْصٍ، ثُمَّ قَتَلَهُ قَبْلَ بُرْئِهِ دَخَلَ قَوَدُ طَرَفِهِ فِي قَوَدِ نَفْسِهِ، وَكَفَى قَتْلُهُ) لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْجِنَايَةِ عَلَى الطَّرَفِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ بُرْئِهِ؛ اسْتَقَرَّ حُكْمُ الْقَطْعِ؛ فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ، وَلَهُ أَخْذُ دِيَةِ مَا قَطَعَهُ وَقَتْلُهُ، وَيَأْتِي (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي بُرْءٍ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ يُحْتَمَلُ الْبُرْءُ فِيهَا؛ فَقَوْلُ وَلِيٍّ) مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ سُقُوطِ الْجِنَايَةِ (وَإِلَّا) تَمْضِي مُدَّةٌ يُمْكِنُ الْبُرْءُ فِيهَا (فَقَوْلُ جَانٍ) مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُضِيِّ (فَإِنْ أَقَامَا)؛ أَيْ: الْجَانِي وَالْوَلِيُّ (بَيِّنَتَيْنِ؛ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ وَلِيٍّ) لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ لِلْبُرْءِ، وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي. (وَمَنْ فَعَلَ بِهِ) أَيْ: بِجَانٍ (وَلِيُّ) جِنَايَةً (كَفِعْلِهِ) أَيْ: الْجَانِي بِالْمَقْتُولِ مِنْ خَنْقٍ وَنَحْوِهِ؛ (لَمْ يَضْمَنْهُ) الْوَلِيُّ بِشَيْءٍ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إسَاءَةٌ فِي الِاسْتِيفَاءِ كَقَتْلِهِ بِآلَةٍ كَالَّةٍ (فَلَوْ عَفَا) الْوَلِيُّ إلَى الدِّيَةِ (وَقَدْ قَطَعَ) مِنْ جَانٍ (مَا فِيهِ دُونَ دِيَةٍ) كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ (فَلَهُ) أَيْ: وَلِيِّ الْجِنَايَةِ (تَمَامُهَا) أَيْ: الدِّيَةِ (وَإِنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ: مَا قَطَعَ الْوَلِيُّ مِنْ الْجَانِي (دِيَةٌ) كَامِلَةٌ كَمَا لَوْ قَطَعَ ذَكَرَهُ أَوْ أَنْفَهُ (فَلَا شَيْءَ لَهُ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ (وَإِنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ: مَا قَطَعَهُ الْوَلِيُّ (أَكْثَرُ) مِنْ دِيَةٍ كَمَا لَوْ قَطَعَ أَرْبَعَتَهُ وَكَانَ قَدْ فَعَلَ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ عَفَا (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) فِيمَا زَادَ عَلَى الدِّيَةِ (وَإِنْ زَادَ) وَلِيُّ الْجِنَايَةِ (عَلَى مَا فَعَلَ جَانٍ) بِأَنْ كَانَ قَطَعَ يَدَهُ، وَقَتَلَهُ فَقَطَعَ يَدَيْهِ، وَقَتَلَهُ (أَوْ تَعَدَّى) الْوَلِيُّ (بِقَطْعِ طَرَفِهِ) أَيْ: الْجَانِي، وَلَمْ يَكُنْ قَطَعَ طَرَفًا (فَلَا قَوَدَ) عَلَى الْوَلِيِّ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَحَقَّ قَتْلَهُ فِي الْجِنَايَةِ صَارَ ذَلِكَ شُبْهَةٌ فِي إسْقَاطِ الْقَوَدِ عَنْهُ (وَيَضْمَنُهُ) أَيْ: مَا زَادَ، وَتَعَدَّى فِيهِ الْوَلِيُّ (بِدِيَتِهِ) سَوَاءٌ عَفَا عَنْ الْجَانِي بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَا؛ لِجِنَايَتِهِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَمَّا انْتَفَى الْقَوَدُ لِدَرْءِ الشُّبْهَةِ، وَجَبَ الْمَالُ؛ لِئَلَّا تَذْهَبَ جِنَايَتُهُ مَجَّانًا. (وَيَتَّجِهُ) أَنَّ مَحَلَّ تَضْمِينِ الْمُقْتَصِّ الزَّائِدِ عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ بِدِيَتِهِ (إنْ لَمْ يَقْتُلْهُ)؛ أَيْ: الْمُقْتَصُّ مِنْهُ (إلَّا بَعْدَ بُرْئِهِ) أَمَّا لَوْ قَتَلَهُ قَبْلَ بُرْئِهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا أَنَّهُ يَدْخُلُ قَوَدُ طَرَفِهِ فِي قَوَدِ نَفْسِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَإِنْ كَانَ الْجَانِي قَطَعَ يَدَهُ) أَيْ: يَدَ الْمَقْتُولِ (فَقَطَعَ) الْوَلِيُّ (رِجْلَهُ) أَيْ: رِجْلَ الْجَانِي (فَعَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْوَلِيِّ لِلْجَانِي (دِيَةُ رِجْلِهِ) صَوَّبَهُ فِي الْإِنْصَافِ، وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ لَمْ يَقْطَعْهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَقْطَعْ يَدَهُ، وَاسْتِحْقَاقُ الْقِصَاصِ فِي الْيَدِ بَاقٍ. (وَيَتَّجِه) أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ الْجَانِي يَدَهُ فَقَطَعَ وَلِيُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ رِجْلَ الْجَانِي فَقِيلَ: هُوَ كَقَطْعِ يَدِهِ، وَحِينَئِذٍ (فَيَتَقَاصَّانِ)؛ لِاسْتِوَاءِ دِيَتِهِمَا وَهَذَا الِاتِّجَاهُ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ احْتِمَالًا (وَاحْتُمِلَ) احْتِمَالٌ مَرْجُوحٌ أَنَّ عَلَى قَاطِعِ الرِّجْلِ دِيَتَهَا؛ لِأَنَّهَا مُبَايِنَةٌ لِجِنَايَةِ الْجَانِي فِي الِاسْمِ (وَلَا يَقْطَعُ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (يَدَهُ) أَيْ: يَدَ الْجَانِي الْمُسَاوِيَةَ لِيَدِهِ الَّتِي قَطَعَهَا؛ لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ اسْتِيفَاءِ نَظِيرِ مَا فَاتَ عَلَيْهِ أَوْجَبَ سُقُوطَ حَقِّهِ مِنْ الْقِصَاصِ وَأُلْزِمَ بِدِيَةِ الرِّجْلِ الَّتِي قَطَعَهَا.تَنْبِيهٌ:وَإِنْ قَطَعَ الْجَانِي بَعْضَ أَعْضَاءِ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَتَلَهُ بَعْدَ أَنْ بَرِئَتْ الْجِرَاحُ، مِثْلَ أَنْ قَطَعَ يَدَيْهِ، وَرِجْلَيْهِ، فَبَرِئَتْ جِرَاحَتُهُ، ثُمَّ قَتَلَهُ الْجَانِي؛ فَقَدْ اسْتَقَرَّ حُكْمُ الْقَطْعِ بِالْبُرْءِ، وَلِوَلِيِّ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ الْخِيَارُ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَالْعَفْوِ، فَإِنْ شَاءَ عَفَا، وَأَخَذَ ثَلَاثَ دِيَاتٍ: دِيَةً لِلْيَدَيْنِ وَدِيَةً لِلرِّجْلَيْنِ، وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ يَدَيْهِ، وَرِجْلَيْهِ، وَأَخَذَ دِيَةَ نَفْسِهِ، وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ، وَأَخَذَ دِيَتَيْنِ، وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ طَرَفًا وَاحِدًا مِنْ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ، وَأَخَذَ دِيَةَ الْبَاقِي وَهُوَ دِيَتَانِ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ جِنَايَةٍ مِنْ ذَلِكَ اسْتَقَرَّ حُكْمُهَا فَهِيَ كَالْمُتَّحِدَةِ. (وَإِنْ ظَنَّ وَلِيُّ دَمٍ أَنَّهُ اقْتَصَّ فِي النَّفْسِ فَلَمْ يَكُنْ اسْتَوْفَى، وَدَاوَاهُ) أَيْ: الْجَانِيَ (أَهْلُهُ حَتَّى بَرِئَ فَإِنْ شَاءَ الْوَلِيُّ دَفَعَ إلَيْهِ دِيَةَ فِعْلِهِ) الَّذِي فَعَلَهُ بِهِ (وَقَتَلَهُ وَإِلَّا) يَدْفَعْ إلَيْهِ دِيَةَ فِعْلِهِ (تَرَكَهُ) فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: هَذَا رَأْيُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَيَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ ذَكَرَهُ أَحْمَدُ.
|